الأحد، 22 مايو 2016

العناصر الخفية في مسؤولية أخطاء التنفيذ المستترة


ستيورات جوردان* يوضح مدة تعقد وتشابك المسؤولية العشرية، مشيرًا إلى حاجة المقاولين والمعماريين لإدراك مدى مسؤولياتهم عن أخطاء وعيوب التنفيذ في المباني.
في بعض الأحيان، قد يشكل الأمر صدمة للعاملين في قطاع الإنشاءات في منطقة الشرق الأوسط، وذلك عندما يدركون المدى الحقيقي لمسؤولية أخطاء التنفيذ المستترة، أي العيوب التي تظهر في المباني والتي لم تكن ظاهرة وقت استكمال العمل.

القضية الأكبر في هذا الخصوص هي المسؤولية العشرية والتي تظهر بشكل واضح في منطقة الخليج، وإن كانت تختلف من بلدة إلى أخرى. أغلب الناس سمعوا أو فهموا المسؤولية العشرية، وهي المسؤولية التي تظهر خلال العشر سنوات التالية لاستكمال المشروع.

الكثير من الناس لا ينظرون إلى أبعد من ذلك، آخذين في اعتبارهم أن الأمر لن يكون أكثر اختلافًا أو إرهاقًا عن العملية نفسها، وذلك في العقود التي تحتاج إلى إجراءات طويلة لتصحيح الأخطاء، وفي الدول التي تمتد فيها مدد تقادم رفع الدعوى.

في المملكة المتحدة على سبيل المثال، يكون «طرف العقد» في موقف سيئ إذا ما خالف العقد (بما في ذلك العيوب المستترة) لمدة ستة أو 12 شهرًا بعد استكمال المشروع، على حسب كيفية تنفيذ العقد، على الأقل إذا كانت المسؤولية غير متفق عليها بوضوح بطرق مختلفة. والخلاصة أن 10 سنوات هي أقل من 12 في المملكة المتحدة (أو 15 في الإمارات)، إذن أين المشكلة؟

المشكلة أن يتم تنفيذ المسؤولية العشرية بطريقة مختلفة، فهي ليست مقصورة على مخالفة عقود التصميم والبناء، كما أنها لا تضع المسؤولية على هذه المخالفة فقط.

إنها مثال على «المسؤولية الصارمة» والتي تعني إنه في حالة وقوعها، فإنك ستدفع بغض النظر عن الخطأ. كما يمكن التقدم بمطالبة خلال ثلاث سنوات من تاريخ اكتشاف الخطأ، وهو ما يعني 13 سنة. كل هذه الخصائص تثير مخاوف هؤلاء الذين كانوا يعتقدون أنهم بعيدون عن الخطر طالما أنهم ملتزمون بالعقد ووصلوا إلى مرحلة انتهاء المسؤولية التعاقدية. ولكن بعيدًا عن العقد، توجد الكثير من مخاطر التعرض للمسؤولية ولكن تنعكس فكرة الإهمال - باعتبارها خطأ غير تعاقدي - في الالتزامات التعاقدية، على سبيل المثال التصميم وفق مهارات واهتمام، أو البناء وفق أفضل الممارسات. بشكل عام، تظهر الكثير من المخاطر في العقود.

وبالنظر إلى حقيقة أن المسؤولية العشرية تختلف تمامًا عن المسؤولية التعاقدية، فإن من أهم العناصر ذات الصلة هو أن العقود تتعامل بشكل عام مع قضايا المخالفة والعيوب وتصحيح العيوب والمسؤولية بنفس الطريقة التي تتعامل فيها مع أي شيء آخر.

إن المسؤولية العشرية في دولة الإمارات تظهر في البنود من 880 إلى 883 من القانون المدني. وتشير المادة 880 إلى أن المقاول والمهندس المعماري الذين وضعوا الخطة وأشرفوا على العمل سوف يكونان مسؤولين مسؤولية مشتركة تجاه صاحب العمل لفترة 10 سنوات من تاريخ «تسليم العمل» في حالة الانهيار الجزئي أو الكامل للمبنى أو وجود أي عيوب تهدد الاستقرار الإنشائي للمبنى أو سلامته. وتسري هذه المسؤولية بالرغم من أن العيب أو الانهيار قد يكون بسبب عيب في الأرض أو موافقة صاحب العمل على إقامة المبنى المعيب.

لذا، حتى إذا أقر صاحب العمل: «نعم إنني أتفهم المشكلة، ولكن أرجو منكم إنشاء المبنى على الرمال،» فيجب أن تنفذ ذلك!

والمثير للاهتمام، إنه ضمن حدود قانون المسؤولية الصارم، فإن المادة 881، تشير إلى درجات وأنواع العيب. إذا قام المهندس المعماري (أو المهندس المتخصص) برسم الخطط فقط ولم يشرف على أعمال البناء، فإنه سيكون مسؤولاً فقط عن «عيوب التصميم» وليس عيوب الإنشاء، مما يعني إنه ليس مسؤولاً عن البناء المعيب إذا كانت التصاميم نفسها خالية من العيوب.

هذا يتيح المجال للعديد من الأسئلة، ولا تقدم أحكام المحاكم الإماراتية الكثير من المساعدة لتوضيحها. أولاً فإن ما يحدد موعد بدء فترة العشر سنوات هو «تسليم العمل». وقد اتفقت الآراء بأن ذلك يعادل الاستكمال العملي أو التسليم، أي النقطة التي يمتلك فيها صاحب العمل المبنى ويستخدمه. كما أن نقطة «اكتشاف» المشكلة يمكن أن تتضمن الكثير من القضايا بدءًا من الشكوك البسيطة وحتى المعرفة الكاملة بالعيب والضرر، وكل التكلفة المترتبة على ذلك.

من وجهة نظري، فإن القضية الأهم في ذلك الأمر هو مفهوم «الأرض المعيبة» ومدى ارتباطها بالتصميم المعيب. إذا كان التصميم جيدًا ولكن طبيعة الظروف الجيولوجية الفعلية غير ذلك، فأين الخطأ؟

تسري المسؤولية العشرية بالفعل في منطقة الشرق الأوسط. ولا يمكن للأطراف الهروب منها على الأقل ليس بشكل مباشر. وباعتبارها جزءًا من القانون العام، فإنها تسري تلقائيًا على قطاع البناء في الدول ذات الصلة، ولا يكن تجنبها من خلال تحديد قانون آخر مختلف ليسري على العقد.

من ناحية أخرى، يمكن التعامل مع بعض عناصر التعرض للمخاطر، فعلى سبيل المثال عندما يتعلق الأمر بظروف التربة. فبينما يبقى المقاول أو المصمم مسؤولاً عن تعويض صاحب المبنى عن الانهيار بسبب «عيوب في ظروف التربة»، إلا إنهما قد يطالبان ببعض التعويض ضد المخاطر من (على سبيل المثال) ماسحي التربة الذين أجروا عمليات المسح من أجل البناء. كما قد يكون هناك بعض التعويضات المتبادلة بين الأطراف الذين قد يجدوا أنفسهم مسؤولين مسؤولية مشتركة وفق هذا القانون. لذا يمكن القول أن أحد الأطراف قد أخطأ (أو على وشك الخطأ) إذا كان هناك أي شخص سيقوم بتعويض الآخر.

ويتعين على أطراف العقد النظر إلى المسؤولية العشرية والعمل بموجبها، سواءً من حيث تحديد أي الطرفين يتحمل الالتزامات التعاقدية لضمان الثبات الإنشائي، أو أي منهما سيكون مسؤولاً عن المخاطر التعاقدية لظروف التربة، أو إذا كان أيًا منهما مسؤولاً عن التحقق وإعداد تقرير عن ظروف التربة. إذا لم يتم الأمر وفق هذه الطريقة، فإنه قد يشعر بعض الأطراف بإحساس كاذب بأنه في مأمن من المسؤولية. بالإضافة إلى ذلك، ونظرًا لأن جميع المخاطر لها سعر وقيمة، فإن المشروع سوف يفتقر إلى الكفاءة في تخصيص الأموال للأطراف الذين لا يتحملون بعض المخاطر سواءً بشكل كامل أو حصري.

* ستيورات جوردان شريك ورئيس مشارك للبناء في شركة المحاماة الدولية كينغ آند وود ماليسونز، يقع مقر عمله في دبي، الإمارات العربية المتحدة، ويتخصص في الشؤون الهندسية والإنشائية العابرة للحدود سواءً للمشاريع الأولية أو المنازعات.

المصدر: مجلة انشاءات الخليج 11/04/2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق